الصافي إدارة المنديات
عدد الرسائل : 211 رقم العضوية : 5 نقاط التميز : تاريخ التسجيل : 21/02/2008
| |
الصافي إدارة المنديات
عدد الرسائل : 211 رقم العضوية : 5 نقاط التميز : تاريخ التسجيل : 21/02/2008
| موضوع: رد: سبايا آل النبي ص في دمشق الأربعاء مارس 05, 2008 12:39 pm | |
| محتويات الخطاب
وحلّلنا محتويات خطاب العقيلة في كتابنا (حياة الإمام الحسين)، وننقله لما فيه من مزيد الفائدة، وهذا نصّه: وكان هذا الخطاب العظيم امتداداً لثورة كربلاء، وتجسيداً رائعاً لقيمها الكريمة وأهدافها السامية، وقد حفل بمايلي: أوّلاً: إنّها دلّلت على غرور الطاغية وطيشه، فقد حسب أنّه هو المنتصر بما يملك من القوى العسكرية التي ملأت البيداء وسدّت أفاق السماء إلاّ أنّه انتصار مؤقّت، ومن طيشه أنّه حسب أنّ ما أحرزه من الانتصار كان لكرامته عند الله تعالى وهوان لأهل البيت، ولم يعلم أنّ الله إنّما يملي للكافرين في الدنيا من النعم ليزدادوا إثماً ولهم في الآخرة عذاب أليم. ثانياً: إنّها نعت عليه سبيه لعقائل الوحي، فلم يرع فيهم قرابتهم لرسول الله (صلّى الله عليه وآله)، وهو الذي منَّ عليهم يوم فتح مكة، فكان أبوه وجدّه من الطلقاء، فلم يشكر للنبيّ هذه اليد، وكافئه بأسوء ما تكون المكافئة. ثالثاً: أنّ ما اقترفه الطاغية من سفكه لدماء العترة الطاهرة، فإنّه مدفوع بذلك بحكم نشأته وموارثيه، فجدّته هند هي التي لاكت كبد سيّد الشهداء حمزة، وجدّه أبو سفيان العدوّ الأوّل للإسلام، وأبوه معاوية الذي أراق دماء المسلمين وانتهك جميع ما حرمه الله، فاقتراف الجرائم من عناصره وطباعه التي فطر عليها. رابعاً: إنّها أنكرت عليه ما تمثّل به من الشعر الذي تمنّى فيه حضور شيوخه الكفرة من الاُمويّين ليروا كيف أخذ بثأرهم من النبيّ (صلّى الله عليه وآله) بإبادته لأبنائه، إلاّ أنّه سوف يرد موردهم من الخلود في نار جهنم. خامساً: إنّ الطاغية بسفكه لدماء العترة الطاهرة لم يسفك إلاّ دمه، ولم يقرِ إلاّ جلده، فإنّ تلك النفوس الزكية حيّة وخالدة، وقد تلفّعت بالكرامة، وبلغت قمّة الشرف، وأنّه هو الذي باء بالخزي والخسران. سادساً: إنّما عرضت إلى من مكّن الطاغية من رقاب المسلمين، فهو المسؤول عمّا اقترفه من الجرائم والموبقات، وقد قصدت سلام الله عليها مغزى بعيداً يفهمه كل من تأمّل فيه. سابعاً: أنّها أظهرت سموّ مكانتها، وخطر شأنها، فقد كلّمت الطاغية بكلام الأمير والحاكم، فاستهانت به، واستصغرت قدره، وتعالت عن حواره، وترفّعت عن مخاطبته، ولم تحفل بسلطانه، لقد كانت العقيلة على ضعفها وما ألمّ بها من المصائب أعظم قوّة وأشدّ بأساً منه. ثامناً: أنّها عرضت إلى أنّ يزيد مهما بذل من جهد لمحو ذكر أهل البيت(عليهم السّلام)، فإنّه لا يستطيع إلى ذلك سبيلاً لأنّهم مع الحقّ، والحقّ لابدّ أن ينتصر، وفعلاً فقد انتصر الإمام الحسين، وتحوّلت مأساته إلى مجد لا يبلغه أي إنسان كان، فأيّ نصر أحقّ بالبقاء وأجدر بالخلود من النصر الذي أحرزه الإمام عليه السّلام. هذا قليل من كثير ممّا جاء في هذه الخطبة التي هي آية من آيات البلاغة والفصاحة، ومعجزة من معجزات البيان، وهي إحدى الضربات التي أدّت إلى انهيار الحكم الاُموي(23).
جواب يزيد
ولم يستطع الطاغية الجواب على خطاب العقيلة، فقد انهار كبرياؤه وغروره وتمثّل ببيت من الشعر وهو: يَا صَيْحَــــــةً تُحْمَدُ مِنْ صَوَائِحِ مَـــا أَهْوَنَ الْمَوْتَ عَلَى النَّوَائِحِ ولا توجد أيّة مناسبة بين ذلك الخطاب الثوري الذي أبرزت فيه عقيلة الوحي واقع يزيد وجرّدته من جميع القيم والمبادئ الإنسانية، وبين هذا البيت من الشعر الذي حكى أنّ الصيحة تحمد من الضوائح، وأنّ النوح يهون على النائحات، فأي ربط موضوعي بين الأموين.
اضطراب الطاغية
وتلبّدت الأجواء السياسية على الطاغية، وحار في أمره فقد فضحته العقيلة بخطابها الخالد، وجرّدته من السلطة الشرعية، وأخذت الأوساط الشعبية في دمشق تتحدّاه وتنقم عليه جريمته النكراء بإبادته لعترة رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، فأخذ يلتمس له المعاذير، فقال لأهل الشام: أتدرون من أين أتى ابن فاطمة، وما الحامل له على ما فعل، وما الذي أوقعه فيما وقع؟ لا. يزعم أن أباه خير من أبي، واُمّه فاطمة بنت رسول الله خير من اُمّي، وأنّه خير منّي، وأحقّ بهذا الأمر، فأمّا قوله: أبوه خير من أبي، فقد حاجّ أبي أباه إلى الله عز وجلّ، وعلم الناس أيّهما حكم له، وأمّا قوله: اُمّه خير من اُمّي، فلعمري أنّ فاطمة بنت رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، خير من اُمي، وأمّا قوله: جدّه خير من جدّي فلعمري ما أحد يؤمن بالله واليوم الآخر وهو يرى أنّ لرسول الله (صلّى الله عليه وآله) فينا عدلاً، ولا ندّاً.. ولكنّه إنّما أتى من قلّة فقهه، ولم يقرأ قوله تعالى: (والله يؤتي ملكه من يشاء)(24). لقد حسب الخبيث أنّ منطق الفضل عند الله تعالى إنّما هو الظفر بالملك والسلطان، فراح يبني تفوّقه على الإمام بذلك، ولم يعلم أنّ الله تعالى لا يرى للملك أي قيمة، فإنّه يهبه للبرّ والفاخر. لقد تخبّط الطاغية، وراح يبني مجده الكاذب على تغلّبه وقهره لسبط رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، وقد خاب فكره وضلّ سعيه، فقد انتصر الإمام في ثورته انتصاراً لم يحرزه أي فاتح على وجه الأرض، فها هي الدنيا تعجّ بذكره، وها هو حرمه يطوف به المسلمون كما يطزفون ببيت الله تعالى، وليس هناك ضريح على وجه الأرض أعزّ ولا أرفع من ضريح أبي الأحرار، فكان حقّاًهذا هو النصر والفتح.
العقيلة مع الشامي ويزيد
ونظر شخص من أهل الشام إلى السيّدة الزكية فاطمة بنت الإمام الحسين فقال ليزيد: هب لي هذه الجارية لتكون خادمة عندي. وقد ظنّ أنّها من الخوارج فيحق له أن تكون خادمة عنده، ولمّا سمعت العلوية ذلك، سرت الرعدة بأوصالها، وأخذت بثياب عمّتها مستجيرة بها، فانبرت العقيلة وصاحت بالرجل: (كذبت ولؤمت، ما ذلك لك، ولا لأميرك..). واستشاط الطاغية غضباً من استهانة العقيلة به وتحدّيها لشأنه، فقال لها: كذبت، إن ذلك لي، ولو شئت لفعلت. فنهرته العقيلة ووجّهت له سهاماً من منطقها الفياض قائلة: (كلاّ والله ما جعل لك ذلك، إلاّ أن تخرج من ملّتنا، وتدين بغير ديننا..) وفقد الطاغية إهابه، فقد أهانته أمام الطغمة من أهل الشام فصاح بالحوراء: إيّاي تستقبلين بهذا، إنّما خرج من الدين أبوك وأخوك. ولم تحفل العقيلة بسلطانه ولا بقدرته على البطش والانتقام، فردّت عليه بثقة: (بدين الله ودين أبي وجدّي اهتديت أنت وأبوك إن كنت مسلماً..). وأزاحت العقيلة بهذا الكلام الذي هو أشدّ من الصاعقة الستار الذي تستّر به الطاغية من أنّ الإمام الحسين وأهل بيته من الخوارج، فقد استبان لأهل الشام أنّهم ذرّية رسول الله، وأنّ يزيداً كاذب بادّعائه. وصاح الرجس الخبيث بالعقيلة: كذبت يا عدوّة الله. ولم تجد العقيلة جواباً تحسم به مهاترات الطاغية، غير أن قالت: (أنت أمير مسلّط، تشتم ظلماً، وتقهر بسلطانك..). وتهافت غضب الطاغية وأطرق برأسه إلى الأرض، فأعاد الشامي كلامه إلى يزيد طالباً منه أن تكون بنت رسول الله (صلّى الله عليه وآله) خادمة عنده فصاح به يزيد: وهب الله لك حتفاً قاضياً(25). لقد احتفظت عقيلة الوحي بقواها الذاتية، وإرادتها الواعية الصلبة التي ورثتها من جدّها الرسول (صلّى الله عليه وآله)، فقابلت الطاغية بهذا الكلام المشرّف الذي حقّقت به أعظم الانتصار. يقول بعض الكتّاب: وقد حقّقت زينب سلام الله عليها - وهي في ضعفها- واستكانتها أوّل نصر حاسم على الطغاة وهم في سلطانهم وقوتهم، فقد أفحمته المرّة بعد المرّة، وقد أظهرت للملأ جهله، كما كشفت عن قلّة فقهه في شؤون الدين، فإنّ نساء المسلمين لا يصحّ مطلقاً اعتبارهن سبايا، ومعاملتهن معاملة السبي في الحروب(26). وأكبر الظنّ أن كلام الشامي كان فاتحة انتقاد ليزيد، وبداية لتسرّب الوعي عند الشاميّين، وآية ذلك أنّه لم يكن الشامي بليداً إلى هذا الحدّ، فقد كان يكفيه ردّ الحوراء عليه وعلى يزيد، ومقابلتها ليزيد بالعنف الذي أخرجته من ربقة الإسلام إن استجاب لطلب الشامي، وهذا ممّا يشعر أنّ طلبه كان مقصوداً لأجل فضح يزيد.
النياحة عند الحسين
وطلبن عقائل الوحي من الطاغية أن يفرد لهن بيتاً ليقمن فيه مأتماً على سيّد الشهداء، فقد نخر الحزن قلوبهن، فلم يكن بالمستطاع أن يبدين ما ألمّ بهنّ من عظيم الأسى خوفاً من الجلاوزة الجفاة الذين جهدوا على منعهن من البكاء على أبي عبد الله، يقول الإمام زين العابدين: كلّما دمعت عين واحد منّا قرعوا رأسه بالرمح، واستجاب يزيد لذلك، فأفرد لهن بيتاّ، فلم تبق هاشمية ولا قرشية إلا لبسن السواد حزناً على الحسين، وخلدن بنات الرسالة إلى النياحة سبعة أيام، وهنّ يندبن سيّد الشهداء(عليه السّلام) بأقسى ما تكون الندبة، وينحن على الكواكب من نجم آل عبد المطلب، وقد اهتزت الأرض من كثرة نياحهن وبكائهن(27). وبهذا ينتهي بنا الحديث عن بعض ما عانته سيدة النساء زينب (عليها السّلام) من المصائب في دمشق.
1 - تحفة الأنام في مختصر الإسلام: 84. 2 - حياة الإمام الحسين(عليه السّلام) 369:3. 3 - حياة الإمام الحسين(عليه السّلام) 370:3. 4 - حياة الإمام الحسين(عليه السّلام) 371:3. 5 - مقتل الحسين(عليه السّلام) - المقرّم: 437. 6 - البداية والنهاية 198:8. 7 - حياة الإمام الحسين(عليه السّلام) 374:3. 8 - تاريخ الإسلام - الذهبي 351:2. 9 - تاريخ القضاعي: 70. 10 - تاريخ ابن الأثير 398:3. 11 - الإرشاد: 276. 12 - سورة الروم: الآية 10. 13 - سورة آل عِمران: الآية 178. 14 - المناهل: جمع منهل، وهو موضع الشرب من العيون، والمراد من يسكن فيها. 15 - الشنف: البغض والعداء. 16 - سورة آل عمران: الآية 163. 17 - تنطف: أي تستوفي من دمائنا. 18 - العواسل: جمع عاسل، وهو الذئب. 19 - الفراعل: جمع فرعل، وهو ولد الضبع. 20 - أعلام النساء 504:2. بلاغات النساء:21. حياة الإمام الحسين(عليه السّلام) 378:3-380. 21 - السياسة الحسينية:30. 22 - حياة الإمام الحسين(عليه السّلام) 381:3. 23 - حياة الإمام الحسين(عليه السّلام) 382:3-383. 24 - تاريخ الطبري 226:6. البقرة: 247. 25 - تاريخ الطبري 265:6. 26 - حياة الإمام الحسين(عليه السّلام) 390:3. 27 - حياة الإمام الحسين(عليه السّلام) 392:3.
| |
|
شـــهــد المدير العام
عدد الرسائل : 519 العمر : 36 رساله شخصية : آسًٍـًٍـًٍفًٍـًٍـًٍهًٍـًٍ ٍ..][ .. يآقلبيـ .. ][ خذلتكـ .. ,,, ) رقم العضوية : 4 المزاج : نقاط التميز : تاريخ التسجيل : 21/02/2008
| موضوع: رد: سبايا آل النبي ص في دمشق الثلاثاء مارس 11, 2008 1:50 am | |
| السلام على قلب زينب الصبور السلام على الحسين وعلى علي بن الحسين وعلى العباس اخو الحسين وعلى أولاد الحسين وعلى أصحاب الحسين جزاك الله بكل حرف خير وجعله في ميزان الاعمال | |
|